الحقبة السحابية تتطلب تغييرات بارزة في إدارات تقنية المعلومات في أية مؤسسة تسعى لتحقيق أفضليات الأعمال من خلال الرقمنة
أصبح التحول الرقمي أولوية أساسية للعديد من المؤسسات في الشرق الأوسط، حيث استثمرت الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي 15 مليار دولار في مبادرات التحول الرقمي خلال العام 2018، وذلك وفقاً لتقرير أصدرته هواوي أند ديلويت.
وفي السياق ذاته، تقدر آي دي سي أن الإنفاق على مبادرات التحول الرقمي الشرق الأوسط وتركيا وإفريقيا مجتمعة سيتجاوز 20 مليار دولار عام 2018، بينما يتوقع الباحثون أن يتجاوز الإنفاق الإقليمي على تلك المبادرات 40 مليار دولار بحلول العام 2022.
وبالرغم من تلك الاستثمارات، فإن التحول الرقمي لا يزال يمثل تحدياً للعديد من الشركات في الشرق الأوسط.
وقد كشف مؤشر التحول الرقمي الذي نشرته دل تكنولوجيز مؤخراً أن 90 في المئة من الشركات في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية تواجه عقبات هائلة تعيق مبادراتها للتحول الرقمي في الوقت الحالي.
وللتفوق على تلك العقبات، سيكون على أقسام تقنية المعلومات صقل مهاراتها وإعادة تشكيل كيانها في بعض الحالات.
ونناقش فيما يلي المجالات الرئيسية الأربعة التي يتعين على أقسام تقنية المعلومات أن تتقنها في المرحلة الحالية ضمن سعيها لإنجاز التحول الرقمي في الحقبة السحابية.
تكامل البيانات والتطبيقات
انصب تركيز أقسام تقنية المعلومات عادة على الدمج، لكن محور ذلك التركيز كان البنية التحتية للشبكات.
وقد حرصت فرق تقنية المعلومات لتحقيق التكامل والانسجام التام بين الجدران النارية ومحولات المسار ومفاتيح التشغيل والخوادم والأجهزة والمعدات المتصلة بالشبكة عبر المجالات المحلية والواسعة من الشبكة والإنترنت.
أما اليوم، فلا يزال على الفرق المسؤولة عن تقنية المعلومات أن تحقق التكامل في البنية التحتية، إلا أن الأولوية ستكون لتكامل البيانات والتطبيقات في سياق التحول الرقمي في الحوسبة السحابية.
وبالإضافة إلى التطبيقات الجاهزة والمتخصصة وقواعد البيانات التي تدار في مقر العمل، تتحول الشركات باستمرار إلى البنية السحابية لخدمات المبيعات والتسويق وغيرها من خدمات الأعمال الخاصة بخدمة العملاء أو العمليات.
ولهذا سيكون على أقسام تقنية المعلومات تركيز جهودها مستقبلاً على التطبيقات الواردة إلى المؤسسة وكيفية تكامل تلك التطبيقات مع المزيج الحالي من التطبيقات المؤسسية والتطبيقات والخدمات السحابية.
وبالنسبة للكثيرين ممن يعملون في القطاع، فسيكون هذا التكامل على شكل منصة تكامل تعمل كخدمة، بحيث توفر الحلول السحابية لربط التطبيقات المشتتة والمستخدمة في بيئات مادية وسحابية مختلفة.
وبالإضافة إلى تكامل التطبيقات والبيانات، يجب على فرق تقنية المعلومات تزويد المستخدمين النهائيين بتجربة منسجمة تماماً عند استخدامهم للتطبيقات والخدمات، وهذا يعني أن على المستخدمين فقط تسجيل الدخول مرة واحدة على الشبكة ليتمكنوا من الوصول إلى كافة الخدمات والتطبيقات التي يحتاجون إليها دون الحاجة إلى تسجيل دخولهم في كل جزء أو مورد ضمن الشبكة.
وبهذا فإن على فريق تقنية المعلومات إيجاد طريقة لإدارة التعريف وحقوق الوصول عبر المؤسسة.
تطبيق الأمن السيبراني
غالباً ما تجمع مشاريع التحول الرقمي عدداً من التقنيات الجديدة غير المألوفة.
وفي غمار العمل على تنفيذ المشاريع، غالباً ما يتم تجاهل الجانب الأمنين وبخاصة إن لم تكن تلك المشاريع تعني قسم تقنية المعلومات بشكل خاص.
وسيكون على العاملين في تقنية المعلومات التأكيد على:
وقف هذا التجاهل، وإرساء وتطبيق نهج متسق تجاه الأمن من أجل وضع وتنفيذ السياسات التي من شأنها تأمين التحقق من الهوية بما يضمن قدرة المستخدمين على التنقل بين تطبيقاتهم بسهولة وأمان.
إرساء الضوابط الدقيقة التي تضمن حصول المستخدمين على الصلاحيات المناسبة لتطبيقاتهم.
التدقيق والامتثال بشكل يضمن امتثال المستخدمين للتشريعات والمهام المفروضة من جانب الحكومة أو القطاع أو الشركة.
إدارة النقاط النهائية بما يضمن أن لا تصبح أجهزة الحاسوب المكتبية والمحمولة والأجهزة عموماً نقاط دخول لهجمات سرقة الهوية وبرمجيات طلب الفدية وغيرها من هجمات البرمجيات الخبيثة.
وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن المتصفحات أصبحت في هذه الحقبة الرقمية بمثابة نقطة دخول، إذ يمثل المتصفح أداة العمل الأساسية بالنسبة للعديد من المستخدمين لأداء نشاطاتهم اليومية بصرف النظر عن نوع الجهاز أو المتصفح المستخدم.
أما بالنسبة للعاملين في تقنية المعلومات، فقد أصبح المتصفح يواجه التحديات الأمنية ذاتها التي تفرضها أجهزة الحاسوب المكتبي والهواتف الذكية وغيرها من النقاط النهائية في الأجهزة المختلفة.
ولهذا فإن على فرق تقنية المعلومات تطبيق الضوابط الحرجة وتعزيز أمن المتصفحات بنفس الاهتمام الذي يولونه للنقاط الأخرى.
العمل في البنية السحابية
تؤدي المزايا المترتبة على الاستفادة من البرمجيات كخدمة إلى العديد من مبادرات التحول الرقمي، حيث أن مشاريع البرمجيات كخدمة تتطلب عادة قدراً أقل من التكاليف الأولية مع سرعة التهيئة والتنفيذ وسهولة الترقية وإمكانات أفضل للوصول والتوسع مقارنة مع تلك المطبقة في مقر العمل.
ونظراً لأن تطبيق البرمجيات كخدمة يخضع للتطوير والتطبيق والإدامة لخدمة فريق تقنية المعلومات، فلم يعد العاملون في المجال يتعاملون مع البنية التحتية للأجهزة أو دعم البنية التحتية، فيما يحتاجون إلى موارد أقل للتعامل مع التطوير والإدارة المستمرة.
والآن ترتقي البنية السحابية بالبرمجيات إلى مستوى جديد من السرعة الفائقة في تطوير واستخدام التطبيقات في السحابة.
وفي العديد من الحالات تتيح سهولة وسرعة تطوير التطبيق في أمازون أو جوجل أو غيرها من البنى السحابية العامة الصدارة لأوائل مستخدميها ممن يستعملون البرمجيات كخدمة.
وبوسع مؤسسات تقنية المعلومات الإعداد للاستقرار في البنية السحابية عبر تعيين مهندسي اعتمادية الموقع في فرق العمل، وهو منصب جديد يتضمن جوانب من هندسة البرمجيات ويطبقها على مشاكل العمليات في تقنية المعلومات.
وعلى مهندسي اعتمادية الموقع التحلي باليقظة والاستجابة السريعة ورصد وتسجيل التنبيهات وإعداد البلاغات.
وهنا يمكن أن يكون للأدوات دور في إحداث الاختلاف، فرصد الشبكات والتطبيقات والخوادم والنطاق العريض والمواقع الإلكترونية، بالإضافة إلى تسجيل تطبيقات وأجهزة الشبكة وبلاغات مكتب المساعدة والتنبيهات، جميعها تحتاج للعمل معاً بسرعة وكفاءة، وإلا أصبحت الأدوات تعمل بمعزل عن بعضها البعض بشكل يعيق أسلوب العمل السلس والتشاركي الذي يعتمده مهندسو اعتمادية الموقع.
أما وجود الأدوات التي تتسم بالتكامل والمرونة فيساعدهم في أن يكونوا أكثر استجابة ومجهزين بشكل أفضل لمنع تدهور تجربة المستخدم النهائي.
إعداد نظم الاستقصاء
أسندت الشركات تاريخياً مهمة بناء أنظمة السجلات إلى أقسام تقنية المعلومات، وهي أنظمة كبيرة لتخطيط الموارد المؤسسية أو أنظمة إدارة علاقات العملاء وغيرها من قواعد البيانات التي تخزن معلومات مرتبطة بالشركة.
وعلى مدى العقد الماضي، عملت أقسام تقنية المعلومات على فتح أنظمة التسجيل لتصبح متاحة يمكن الوصول إليها عبر نظم الويب والدردشة والأجهزة المتحركة.
والآن يطلب من فرق تقنية المعلومات إيجاد طبقة جديدة تتجاوز إمكاناتها التجميع والوصول لتقديم البيانات الاستقصائية، وهذه البيانات الجديدة هي أنظمة تحليلية عالية التركيز، هدفها هو مواجهة تحديات الأعمال وتحقيق أهداف الشركة.
وتغير أنظمة الاستقصاء أسلوب تفاعل المستخدمين مع أنظمة التسجيل وأنظمة المشاركة، فعلى سبيل المثال، يمكن لمساعد الحوار الذكي الذي يعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعي أن يأخذ مدخلات الصوت أو الدردشة ومن ثم تنفيذ الأوامر عبر المعالجة اللغوية الطبيعية او معالجة النصوص.
وباستخدام التعلم الآلي، يستطيع المساعد حتى تنفيذ الأوامر الإضافية ذات العلاقة دون تدخل المستخدم.
وبالنسبة للعاملين في مجال تقنية المعلومات، ستحتاج أنظمة الاستقصاء إلى فهم الذكاء الاصطناعي بشكل عام وفهم الكيفية التي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد فيها تقنية المعلومات بشكل خاص، واستراتيجية الذكاء الاصطناعي للأدوات التي يستخدمونها ولرفع إجمالي مستوى الخدمات.
دراسة جوانب التحول الرقمي
ليست هناك طريق مختصرة نحو التحول الرقمي، ففي الواقع لا يزال على الكثير من الشركات في الشرق الأوسط والمناطق الأخرى تحقيق التحولات التي تحاول إنجازها، ولكن المزايا المترتبة عليها تستحق الجهد المبذول.
ويمكن لفرق تقنية المعلومات التي تطور خبراتها في المجالات الأربعة المذكورة أعلاه، ما سيساعدها في قيادة المؤسسات نحو التحول الرقمي الناجح وتميز الأعمال.
بقلم: راج سابلوك، رئيس مانيج إنجن ManageEngine
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق